كتاب مهزلة العقل البشري نظرة عامة
ما كان يسعني أن أجد مقدمة افتتاحية لهذا المقال خيراً من عنوان الكتاب ذاته “مهزلة العقل البشري”، قدمه الكاتب العراقي علي الوردي عام ١٩٥٩، يمكننا أن نرى من عنوان الكتاب بعض الضوء عما يتناول فيه.
ففي بدايته يتناول الكاتب العقلية البشرية بما تحتويه من اختلافات واتفاقات في الإطار الفكري الموصوف بالتعقيد والذي يتأثر وإلي حد كبير بالبيئة المحيطة.
فكل بيئة هي مكون فعلي للعقل البشرى كذلك يضم الكتاب نتيجة فعلية عن البحث الاجتماعي والتي تصل به إلي اختلاف الأفراد حسب طبيعتهم البشرية فهناك الجاهل وغير الجاهل.
والقوقعة البشرية هي الحد الفاصل بين الإثنين، حتي يصل إلي نتيجة أطلق عليها النزاع، كونه مكون أساسي لكل مجتمع وسمة أساسية في التكوين البشرى.
كان الكتاب من اثنا عشر فصلا ضم فيهم الكاتب الحداثة والقدم حيث شمل بعض أحداث أهل قريش قبل الإسلام وبعده.
وهذه الفصول هي :
طبيعة المدينة
في هذا الفصل ركز الكاتب على المقارنة بين الحياة البدائية والحديثة، وأوضح مدى التأثر في كون التنازع أمر هام لتقدم والتغيير من خلال نظرية، المتجددين والراقدين وكون أن المزيج بينهم هو ما يصنع مجتمع .
لو بقي الأمر للمتجددين ضاع الاستقرار وأصبح كل شئ يتغير ويستحدث دون توقف، وهكذا الأمر لو كان الراكدين هم المسيطرين ستقف المدينة دون حراك أو تجديد، لذلك كان لابد من المزيج بين النوعين لإحداث التوازن.
تلخيص الفصل هو أن المزيج بين الأطراف المختلفة يولد مجتمع صالح للاجتماع والتعاون ومواكب لكل حدث وزمن.
والتنازل أمر لابد منه كونه طبيعة بشرية .
منطق المتعصبين
خلاصة هذا الفصل هو ما جاء على لسان الكاتب بقوله “أن المنطق القديم يصلح لزمن مضى ولا يصلح لهذا الزمان الذي نعيش فيه.
فقد كان الإنسان في الماضي لا يخرج من بيئته التي نشأ فيها إلا نادراً، وكان السفر فيما مضى “قطعة من سقر” كما وصفوه في أمثالهم الدارجة .
أما اليوم فقد أصبح السفر نزهه يرتاح الإنسان فيها أكثر مما يستريح في بيته وبين أهله وخدمه.
إن الإنسان الحديث قادراً أن يجوب الأرض كلها في أيام معدودات.
علي بن أبي طالب
في هذا الفصل قال الكاتب أنه أقتني ذات مره كتابيين متضادين جداً أحدهم يتكلم عن الشيعة وأحقية علي بن أبي طالب بالولاية، والآخر عن السنة ويرجح ولاية أبي بكر وعمر.
واستنكر مثل هذا النوع من الخلاف.
وذكر أيضاً خلاف علياً ومعاوية ورجح أن مثل ذاك الخلاف ما كان يجب التركيز عليه.
عيب المدينة الفاضلة
يقول الكاتب في هذا الفصل أن الإنسان يحب العدل ولكن لا يطبقه مهما امتلك من صفات فضيلة تغالبه بعض الصفات الغريزية التي تجعله غير مدرك لكونه غير عادل، فهو فاضل طالما لم يتعرض ذلك لمصلحته.
فيقول أن الإنسان مجبول أن يري الحقيقة من خلال مصلحته و مألوفات محيطه، فإذا اتحدت مصلحته مع تلك المألوفات الاجتماعية صعب عليه أن يعترف بالحقيقة المخالفة لهما ولو كانت ساطعة كالشمس في رابعة النهار.
أنواع التنازع وأسبابه
يقول الكاتب في هذا الفصل أن الظاهر من الإنسان أنه مجبول علي التنازع في صميم تكوينه والدليل علي ذلك أنه لو قل التنازع الفعلي في محيطه لجأ إلى اصطناع تنازع وهمي يروح به عن نفسه.
المباريات الرياضية أو مشاهد الصراع في الأفلام والمسلسلات.
وخلاصة هذا القول هو أن الحياة الاجتماعية ليست إلا صراعاً متواصلاً بين المصالح الخاصة، كما يتصارع التجار ويتنافسون، كل يسعى وراء ذاته.
ولكن المجتمع ينتفع من هذا الصراع الجاري وراء المصالح الذاتية،إذ هو يحصل على النتيجة الأخيرة، حيث تنمو بها ثروته العلمية والاقتصادية والسياسية.
القوقعة البشرية
أكد الكاتب علي كون القوقعة صفة متلازمة للبشر، تنمو وتكبر معهم والخلاف في التعامل معها هو فقط ما يظهرها، فالجاهل يكن مفضوح أمر شعوره الذاتي بكونه محور الكون فيظهر ذلك نتيجة لجهله.
أما غير الجاهل فيكن ذو إدراك أكبر يفيده في إخفاء عنتريته الذاتية يوضحها في مواقف أخرى تناسب وضعها.
وبهذا فإن القوقعة البشرية صفة تلازميه في البشرية وتكون أكثر وضوحاً في مرحلة الطفولة.
التنازع والتعاون
تلخيص هذا الفصل هو أن التنازع والتعاون متلازمان في الإنسان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فلا يستطيع الإنسان أن يتنازع مع جميع الناس، إلا إذا كان مصاباً بعلة نفسية.
إنه إذا تنازع مع فريق يجد نفسه مضطراً إلى التعاون مع فريق آخر، وهكذا تنشأ الجماعات والأحزاب وبهذا يتم التصوير الاجتماعي.
مهزلة العقل البشري
العقل البشرى في منظور الفلاسفة القدماء ماهو إلا جهاز فطري ينمو بذاته فلا يحتاج إلى التدريس والتلقين.
وهذا ما أكدت خطأه الأبحاث العلمية الحديثة والتي أكدت أن العقل البشرى صنيعة من صنائع المجتمع.
وهو لا ينمو ولا ينصح إلا في زحمة الاتصال الاجتماعي.
ماهي السفسطة
السفسطة هي الإيمان بالحقيقة النسبية قولاً وفعلا.
الديمقراطية في الإسلام
كانت الديمقراطية في بداية الإسلام مقامه بكل ما تعني، لكنها أصابها التدخل البشرى الغير مدرك لكونه غير عادل فغير بها وحذا بها نحو الانحراف وهذا لا ينفي أبداً كون الإسلام تميز بالديمقراطية.
علي وعمر
وضح الكاتب النزاع الذي حدث بين السنة والشيعة مما دفعهم الانقسام إلى (ربع عمر)، (ربع على) مستفهماً عن سبب نزاع الشخوص التي لاقت ربها منذ زمن.
التاريخ والتدافع الاجتماعي
خلاصة الفصل أن زمن السلاطين قد ولي والأجيال القادمة تحتاج لتاريخ يناسبها ومجتمع يحتويها ويقدرها.
خلاصة الكتاب هو جملة الكاتب الأخيرة وهي “أن الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام،والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة إبن شداد. اقرأوا ..ثم اقرأوا .